14 July 2008

فن صناعة الأنسان- الجزء الثاني

محاولة عزف سيمفونية

في محاولة منه لفهم إحساس وسلوك الإنسان وهو واقع تحت ضغط سألها


هو: ياسمين.. يا تري إيه هو إحساسك وانتي واقفه في المطبخ في رمضان و بتحضري لعزومة كبيييرة بعد كام ساعة
ردت وبمنتهي التلقائية
A symphony يا عبدالرحمن
رد مندهشا: إيه؟ سيمفوني؟؟!!
جادّة قالت: أه والله سيمفوني
سألها: إزاي يعني؟؟!!
قالت: تحضير الأكل عامل بالظبط زي عزف السمفونية بص كده مثلا ترتيب الشغل بإني أطلع الحاجات من الفريزر واسيبها تفك لحد ما أحضر حاجه تانيه....
قاطعها قائلا: زي بالضبط الأوركسترا لما بتبدأ العزف بتمهد للبيانو، أو الفايولن عندما تبدأ العزف بعدهم بتوقيت دقيق جدا.. مظبوط ؟؟؟!!
فأكملت حديثها قائلة: بالظبط لأن الكولسلو لما بيوصل التلاجة والصواني في الفرن والنار والعة بحس إن سمفونيتي الخاصه بتعزف
ضاحكا قال: فلتعزفي أيتها الأوركسترا
Let the Orchestra Play

جلست بعدها متاملا وأغرقت في تأملاتي فوجدت أن كلا من الرجل والمرأه يشبهان البيانو والكمان... تأملوا معي




الرجل: ضخم الجسم زي البيانو
المرأة: صغيرة الجسم زي الكمان
هو: صوته زي البيانو أحيانا غليظ وأحيانا رقيق
هي: صوتها بالظبط زي الكمان إما كله نعومه أو صويت ونحيب
هو: مثل البيانو يستمد قوته من قدراته المتنوعة
هي: مثل الكمان تستمد قوتها من عمق إحساسها
هو: هذا الرجل البيانو- دائما يضع الخطوط الأساسية للأوركسترا كلها
هي: هذه المرأه الكمان (مع إن اسم فايولن أشيك)- دائما ما تجعل لهذه الخطوط شكل ورونق جميل بأوتارها الحالمة

إذن ماهي يا تري العلاقة بين هذا وذاك؟! الفن و الإنسان؟؟

كنت أزعم في تدوينتي السابقة (فن النحت فن صناعة الإنسان الجميل) أننا: أنا، وأنت، وأنتي، من صنع أشخاص سواء كانوا فنانون محترفون أو هواة مبتدئون، كل منهم قد أثر فينا بطريقة ما لنصبح مانحن عليه اليوم. و بعد انتهاء كل منهم من هذا النحت –الذي لا ينتهي- أصبح لكل منا شكل ما: شكل هو الأطار العام لشخوصنا فمنا من يشبه فعلا البيانو في كل شيء ومنا من تشبه الفايولن في كل شيء، منا الحزين مثل الناي و منا المرح الطفل مثل الإكسلفون الذي يذكرنا بأيام المدرسة ، منا من هو غربي خالص في إسلوب معشته زي الترومبيت، والشرقي جدا زي المزمار.

أري آباء بارعون، تحس عندما تري أولادهم أو بناتهم أنهم آباء من فئة موتسارت وتشايكوفسكي وفيفالدي وبتهوفين و جوهانر برامز.
كثير منا قد تأثر بأبويه لحد الإبداع، ولكن ألا ترون أنه قد آن الأوان أن يقوم كل منا بعزف سمفونيته الخاصة،
فلتكن أنت من تكون.... ولتكوني أنتي من تكوني
كوني فايولن أو كوني ربابة
ولتكن أنت بيانو أو حتي أكسليفون
ولكن لا تدع هذا اليوم ينقضي كسابقه لا تدعه يذهب قبل أن تبدأ في ضبط ألحانك و لا تمت قبل أن تخرج للعالم هذه السمفونية الرائعة التي بداخلك، وأمتعنا يا صديقي بهذا العزف الجميل.
وإليك أرقي ما سمعت

كونشرتو جروسو لأنطونيو فيفالدي: متتالية الفصول الأربعه
(The Four Seasons- Spring)
يقال أنها من أوائل الموسيقات التي جعلت الإنسان يستمع للموسيقي ويشعر كأنه يراها... ستسمع الكمان وهي تعزف أصوات الكناريا و ستسمع عزف الراعي علي الجبل

05 January 2008

فن النحت: فن صناعة الإنسان - الجزء الأول

فن النحت: فن صناعة الإنسان الجميل

كغيري كثير من الناس, انبهرت لرؤيته أول مرة, ولفوري أدركت أنه يخفي وراء هذا الشكل المبهر الكثير والكثير
حاولت أن افهم مايدور في نفسه, أن أكتشف دخيلته علي حقيقتها, ولكني لم أستطع. حاولت مرة أخري أن أستكشف كنهه, ولكن مظهره المتأنق وسلوكه منعاني من القدرة علي النفاذ للرجل.

غاضبا... أخذته لمعملي.. أوقفته علي منصة امامي ونظرت إليه نظرة فاحصه لأجد – مجددا- هيئه رائعة الكمال.

جن جنوني... أمسكت بالمدية ... ونعم! شققت عن قلبه ثم أمسكته بيدي متفحصا.... ولكن غضبتي كانت قد أعمتني أن أري شيئا في هذه المضغه.

محاولا تبني إسلوبا علميا في التفكير, هممت- بعد أن قسمته لأجزاء- أن أضع كل جزء منه في مكان:

· فها هو الجسم أمامي علي المنضدة
· وها هو العقل- الله ما أجمله- فلنضعه في هذه القارورة بمفرده
· وها هي النفس أو الروح

حسنا هاهي ضالتي.. نعم: هاهي نفسه وإن شئت قل روحه..... وعلي منصة مستقلة وضعتها, وسلطت عليها أضواء كاشفة, وفي الجانب الأخر من المنصة أحضرت كرسيا وجلست لأتامل ما أري.

أحسست لأول وهله أني أمام تحفه فنيه رائعة الجمال... وفي غمرة النشوة بما توصلت إليه أخذت أقترب شيئا فشيئا... ولكن للمفاجأة, كنت كلما أقتربت رأيت شيئا لم أكن أراه عن بعد. وعندما كنت أقرب ما يكون, كانت المفاجأة في ذروتها... فهذا الإنسان الرائع أو هذه التحفه الفنية بها الكثير من الخدوش والكسور منها الظاهر ومنها ماهو بحاجه للتدقيق لتراه.... خدوشا لو وضعت في جسم إنسان لكانت جراحا غائرة لا يمحي آثارها الزمان.

أطرقت متأملا ما أري... وفي إطراقتي سمعت صوتا يقول "نحتتني الأيام". أعرته مسامعي وهو يقول: "عندما جئت لهذه الدنيا, وضع أبواي الإطار العام لما تري, قل إن شئت موروث كبير من العادات والتقاليد والخلق والدين والفن والذوق هي البناء الأساسي لما تري, ولا تعجب فأنت ايضا مثلي وكل إنسان كذلك, مجموعه متباينه أو مزيج من هذه المجموعه التي ذكرتها لك"
سألته قائلا "وماذا عن هذه الكسور والخدوش"
فرد قائلا "هم أناس قابلتهم... كان لكل منهم دور في تشكيل أو تحطيم جزء مني.... انظر مثلا لهذه الأذن أتراها جميله ؟؟"
فقلت: نعم أراها متقنة الصنع
أجل ياصديقي,إنها من صنع من علمني الفرق بين الجيد والقبيح من القول أو اللحن. أتري هذا القلب؟؟
قلت: نعم
سألني هل تفحصته جيدا؟! ....حسنا دعني أريك شيئا... هل لاحظت بياضه؟؟ هل لاحظت حجمه؟؟ أكبير هو أم صغير؟؟؟ أبه آثار جراح؟؟؟؟ أرقيق هو أم قاسي و صلب؟؟
هل دققت النظر في عيني؟؟ أتري كم هي جميله؟؟؟؟ صنعها من علمني انتقاء ما أقرأ وما أنظر إليه؟
ألا تعلم أن هوايتي المفضله هي الإستمتاع بتلك المنحوتات التي يحملها الناس بين أجنابهم أري اللسان الطويل في الرجل السباب, والعقل الكبير في الشخص المفكر, وقصر النظر عند ضيقي الأفق, وسعة الصدر في كل حليم.
مبتسما سألني: ألم تلاحظ طول أنفي؟
انفجرت ضاحكا وأنا أقول: بنوكيو
خجلا وقد وضع ناظريه في الأرض قال: نعم كنت كذابا ثم نظر إلي وقال "ولكني والله تبت"

أتري هذه الندبه في عنقي؟؟؟ إنها آثار مدح طربت له حتي كاد أن يقطع عنقي...
فها أنا ذا .. الإنسان... به ما قد يروقك وبه ماهو جميل... لكن به ايضا ما قد يغضبك, بل ويغضبني أحيانا... لكني لا أري اكتمال عنقي بغير هذه الندبه... ولا أقبل قلبي بغير هذا الجرح ولا عقلي الذي لم تنظر إليه إلا بعلامات الإستفهام تلك المرسومة عليه...
فهلا تجرأت أنت ونظرت في دخيلتك!!!
هل تري إعواجاجاتك, وعيوبك, وجراحك؟
وإن كنت تراها... أتراك تحبها وتقبلها؟؟ ام أنك ترهق نفسك بتجاهلها وإنكارها؟ وإذا نظرت ياصديقي بداخلك... هل أنت سعيد بما تري؟
وإن لم تكن سعيدا بما تري... تراك ستظل هاربا من نفسك... إلي متي؟